الرحلة الأخيرة

دوما كان يأخذها في رحلة سياحية لتشاهد جمال الحياة..

يستهل حديثه بأنه قد زار أماكن تاريخية وتجول بالمزارع وأجمل الرياض..

تنتظره لكي يختطفها من آهات يومها وقسوة خالطت أمنيات قلبها فتمتطي معه جواد أحلامه..

وبكل طفولة وعفوية أخبرته بأنها لا تستطيع السفر إلا بوجوده معها فهو رفيق دربها..

نظر إليها بابتسامة لم تفهم معانيها واختلطت كلماته مع كل الغموض الذي كان يحيرها..

.. 

قال لها ذات مرة :بأنه سيسافر إلى البعيد ليهرب من قسوة من حوله!

وها هو تعبيره يختنق مجددا فتموت بعض الكلمات على مسامعها معبرة عن رغبته باللحاق بها.

إذا تمكنت هي من الرحيل لتحقق أحلامها..

..

تراقب صمته وتحاول معالجة بعض الظنون التي بقيت ترسم ملامحه بشحوب أمامها ..

وضعت النقاط على الحروف مجددا .. فهي لا زالت تعشق النظر إلى الأغصان ومراقبة الأطيار

وهو لم يزل يتحدث عن ذكرياته التي جعلته يعشق روحها ومكنته من التسلل إلى خبايا عقلها,

وبينما هم يحاولان التبسم أمام الأحزان التي خالطت ضحكاتهما,, سمعا صافرة القطار معلنة عن بداية الانطلاق …

قال لها, بعد أن احتضن تلك الأزهار التي جمعتها له من آخر بستان حطت فيه رحالهما:

حان وقت السفر فالحياة والأقدار أبتا أن تجمع بين جسدينا ..

وستبقى روحي هائمة في السماء لأنها لن تجد بعدكِ ملاذا يحتويها ..

وسأبقى أرسم بسمة ثغرك الجميلة وأتغنى بنبرات صوتك الساحرة في ليالي غربتي الطويلة..

وهذه الأزهار ستكون مخبأ أسراري التي سطرتها معكِ..

…

بقيتْ تراقبه وهو ينطلق وكل المعالم حولها توشحت بالضباب, وتساقطت دموع الأسى على فراقه دون أن يحتضنها ..
فمن الصعب تحقيق ذلك سوى في أحلام لياليها..!

اختفى جسده داخل القطار المتحرك , فأيقنت بعد دقائق  بأن كل أمنياتها قد تبخرت ,,فانهارتْ مغشيا عليها..

توسد كفه في تلك المقطورة ومسح بأنامله دموع الحرمان التي ستبقى تخط السواد في أعماق قلبه..

..

و هكذا انتهت رواية لم تجد النور, وتمزقت بعنف بعض فصولها بسبب العابثين بصفحاتها..

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم